خلاصة الأدعية الواردة في القنوت :
((اللهم اهدني فيمن هديت , وعافني فيمن عافيت , وتولني فيمن توليت , وبارك لي فيما أعطيت , وقني شر ما قضيت , إنك تقضى ولا يقضى عليك , وإنه لا يذل من واليت , تباركت ربنا وتعاليت))
((اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ، ونثني عليك الخير ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك.
اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك ، إن عذابك الجد بالكفار ملحق))
((اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات , والمسلمين والمسلمات , واجعل في قلوبهم الإيمان والحكمة , وثبتهم على ملة نبيك , وأوزعهم أن يوفوا بعهدك الذي عاهدتهم عليه ,وألف بين قلوبهم , وأصلح ذات بينهم , وانصرهم على عدوك وعدوهم , إله الحق , واجعلنا منهم.
اللهم العن كفرة أهل الكتاب , الذين يكذبون رسلك , ويقاتلون أولياءك , اللهم خالف بين كلمتهم , وألق في قلوبهم الرعب , وزلزل أقدامهم , وأنزل بهم بأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين))
((اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك , وبمعافاتك من عقوبتك , وأعوذ بك منك , لا أحصى ثناء عليك , أنت كما أثنيت على نفسك)).
ومن الأدعية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم , مما يمكن أن يزاد على هذه الأدعية:
((اللهم لك أسْلَمْنا,وبك آمَنَّا,وعليك تَوَكَّلنا,وإليك أَنَبْنَا,وبك خَاصَمْنَا,اللهم إنَّا نعوذُ بِعِزَّتِكَ لا إلهَ إلا أنتَ أن تُضِلَّنا,أنْتَ الحيُّ الذي لا يموتُ,والجِنُّ والإِنْسُ يَمُوتُون))متفق عليه.
((اللهم إنا نعوذُ بك من جَهْدِ البَلاءِ,ودَرَكِ الشَّقَاءِ,وسُوءِ القَضَاءِ,وشَمَاتَةِ الأعْدَاءِ))متفق عليه.
((اللهم آتنا في الدنيا حَسَنَةً,وفي الآخرةِ حَسَنَةً وقِنَا عذابَ النار))متفق عليه.
((اللهم يا مُصَرّفَ القلوبِ صَرّفَ قُلُوبَنا على طاعتك))رواه مسلم.
((اللهم أصْلِحْ لنا ديننا الذي هو عِصْمَةُ أَمرنا,وأصْلِحْ لنا دنيانا التي فيها مَعَاشُنا,وأصلحْ لنا آخرتنا التي فيها مَعَادُنا,واجْعَل الحياةَ زيادةً لنا في كل خير,واجْعَل الموتَ راحةً لنا مِنْ كلِّ شر))رواه مسلم.
((اللهم إنا نعوذُ بك من زَوَالِ نِعْمَتِكَ,وتَحُوُّلِ عافيتكَ,وفَجْأَةِ نِقْمَتِك,وجميع سَخَطِك))رواه مسلم.
((اللهم إنا نعوذُ بك من العَجْزِ والكسلِ والجُبْنِ والبُخْلِ والهَمِ وعذابِ القبر.اللهم آتِ نفوسَنَا تَقْواها,وزَكِّها أنت خيرُ مَنْ زَكِّاها,أنت وَليُّها ومَوْلاها. اللهم إنا نعوذُ بك من عِلْمٍ لا ينفع,ومن قلبٍ لا يخشع,ومن نفسٍ لا تشبع,ومن دعوةٍ لا يٌسْتَجَابُ لها))رواه مسلم.
((اللهم إِنِِّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العفوَ فاعفُ عَنَّا))رواه الترمذي والنسائي وأبو داود.
قروب ابوحكــيم
تخريج أدعية القنوت والكلام عليها:
وما سأذكره هنا إن شاء الله من الأدعية الوادرة في القنوت على نوعين , الأول : ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم , والثاني : ما ورد عن الصحابة والتابعين.
النوع الأول : ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم
ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت إلا دعائين فقط:
الدعاء الأول
نص الدعاء
عن الحسن بن على رضى الله عنهما أنه قال : علمني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كلمات أقولهن
فى الوتر: (اللهم اهدني فيمن هديت , وعافني فيمن عافيت , وتولني فيمن توليت , وبارك لي فيما أعطيت , وقني شر ما قضيت , إنك تقضى ولا يقضى عليك , وإنه لا يذل من واليت , تباركت ربنا وتعاليت).
وفي رواية لأبي داود والنسائي وابن ماجة : (كلمات أقولهن في قنوت الوتر).
ورواية ابن ماجة : (سبحانك ربنا تباركت وتعاليت).
وفي رواية للنسائي في آخر الدعاء : (وصلى الله على النبي محمد) , ويأتي أنها ضعيفة.
رواه أبو داود (1425, 1426) واللفظ له , والترمذي(468) , والنسائي (1745, 1746) , وابن ماجة(1178).
قال الترمذي بعد أن رواه : "ولا نعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت شيئاً أحسن من هذا".
الكلام على إسناده
هذا الحديث مشهور من طريق : أبي إسحاق السبيعي , عن بريد بن أبي مريم , عن أبي الحوراء ربيعة بن شيبان السعدي , عن الحسن بن علي.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي الحوراء السعدي , واسمه ربيعة بن شيبان".
وهذا الإسناد رجاله ثقات إن شاء الله , إلا أن أبي الحوراء لم يوثقه إلا النسائي , ولكن لا جرح فيه.
وقد رواه غير أبي إسحاق السبيعي عن بريد بن أبي مريم : الحسن بن عمارة , وخرج حديثه عبد الرزاق في مصنفه , وقد جاء بزيادات كثيرة حتى تضاعف حجم الأثر , إلا أنها في غير الدعاء , ولولا ما قيل في الحسن بن عمارة لنقلتها , وهذه الزيادات تفرد بها عن أبي إسحاق السبيعي الإمام.
وروي من طريق : يحيى بن عبد الله بن سالم , عن موسى بن عقبة , عن عبد الله بن علي بن الحسين بن علي , عن الحسن بن علي.
قال ابن حجر في التهذيب عن عبد الله بن علي بن الحسين: "و أما روايته عن الحسن بن على فلم تثبت ، و هى عند النسائى من طريق موسى بن عقبة ، عن عبد الله بن على عن الحسن بن على , فإن كان هو صاحب الترجمة فلم يدرك جده [أي جده لأمه] الحسن بن على ، لأن والده على بن الحسين لما مات عمه الحسن رضى الله عنه كان دون البلوغ".
ولم أجد من وثقه.
ففي هذا الإسناد علتان : الانقطاع , وجهالة عبد الله بن علي.
وقد تفرد بزيادة : (وصلى الله على النبي محمد) , ولا تحتمل بهذا الإسناد.
الدعاء الثاني
نص الدعاء
عن على بن أبى طالب رضى الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول فى آخر وتره : (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك , وبمعافاتك من عقوبتك , وأعوذ بك منك , لا أحصى ثناء عليك , أنت كما أثنيت على نفسك).
رواه أبو داود (1427) والنسائي(1747) والترمذي (3882) وابن ماجة (1179).
الكلام على إسناده
هذا الحديث روي من طريق : حماد بن سلمة , عن هشام بن عمرو الفزاري , عن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام , عن علي بن أبي طالب.
وإسناده ثقات.
هل يقال في قنوت الوتر
ليس في ظاهره ما يدل على ذلك , ولكن رواه أبو داود في باب : "القنوت في الوتر" , والنسائي في باب : "الدعاء في الوتر" , والترمذي في باب : "دعاء الوتر" , وابن ماجة في باب : "ما جاء في القنوت في الوتر".
فلعل أصحاب السنن لم يتواطؤا على مثل هذا إلا عن مستند بين , إما روايات لم يذكروها , أو أن هذا كان من المشتهر بين العلماء في زمانهم ولكن لم يرد في شيء من الروايات نصاً , والله أعلم.
النوع الثاني : ما ورد عن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم
وهي في ألفاظها متقاربة , وعند التأمل نجد أن كلها يدور حول دعائين :
الأول : وهو الأكثر في هذه الروايات , (اللهم إنا نستعينك...) إلى آخره , وهو عبارة عن سورتين من القرآن الكريم نسخ لفظهما , ولا زال العلماء من الصحابة والتابعين وأتباعهم يدعون بهما في القنوت , ومما يدل على أنهما سورتان من القرآن ما روي عن ميمون بن مهران أنه قال: في قراءة أبي بن كعب : "اللهم إنا نستعينك ونستغفرك , ونثني عليك ولا نكفرك , ونخلع ونترك من يفجرك , اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكفار ملحق"[9] , ويأتي غير هذا من الروايات , ويمكن أن يستفاد من هذا أن الأدعية الواردة في القرآن يمكن أن يدعى بها في القنوت.
وألفاظ هذا الدعاء متقاربة جداً , ولعل السبب أنه سورتين من القرآن.
ا لثاني : وهو : (اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات , ...) , والاختلاف في ألفاظه أكثر بكثير , إلا أن القارئ يكاد يجزم , أن جميعها من مصدر واحد , إذ بينها اتفاق كثير جداً.
وما عدا هذين الدعائين فلم يثبت عن السلف رحمهم الله تعالى.
تنبيه : بعض هذه الآثار في القنوت في صلاة الفجر , وبعضها مطلق , وبعضها قيد بصلاة الوتر , وقد خرج منها الأئمة في أبواب القنوت في الوتر , والمقيد بصلاة الفجر يستفاد منه معرفة موضع هذه الأدعية وانتشارها , وأيضاً تصحح منها ألفاظها , وربما يقال بقياس الوتر على الفجر لأن الكل قنوت بدعاء من الإمام يؤمن عليه المأمومين , والله أعلم.
نصوص الآثار
عن أبي عبد الرحمن ، قال : علمنا ابن مسعود أن نقرأ في القنوت : "اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ، ونثني عليك الخير ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك ، اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك ، إن عذابك الجد بالكفار ملحق"[1].
عن عبيد بن عمير ، قال سمعت عمر يقنت في الفجر يقول : "بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إنا نستعينك ونؤمن بك ونتوكل عليك ونثني عليك الخير ، ولا نكفرك , ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك الجد بالكافرين ملحق اللهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك" [2].
وروى مثل هذا عن عمر : عبد الرحمن بن أبزى رضي الله عنه [3] , وابن عباس[4].
عن عطاء أنه سمع عبيد بن عمير يأثر عن عمر بن الخطاب في القنوت أنه كان يقول : "اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات , والمسلمين والمسلمات , وألف بين قلوبهم , وأصلح ذات بينهم , وانصرهم على عدوك وعدوهم , اللهم العن كفرة أهل الكتاب , الذين يكذبون رسلك , ويقاتلون أولياءك , اللهم خالف بين كلمتهم , وزلزل أقدامهم , وأنزل بهم بأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين , بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخاف عذابك إن عذابك بالكفار ملحق" , قال : وسمعت عبيد بن عمير يقول : القنوت قبل الركعة الآخرة من الصبح وذكر أنه بلغه أنهما سورتان من القرآن في مصحف بن مسعود وأنه يوتر بهما كل ليلة وذكر أنه يجهر بالقنوت في الصبح , قلت فإنك تكره الاستغفار في المكتوبة فهذا عمر قد استغفر , قال قد فرغ هو في الدعاء في آخرها [5].
وعن أبي رافع أنه قال صليت خلف عمر بن الخطاب الصبح فقنت بعد الركوع قال فسمعته يقول : "اللهم إنا نستعينك ونستغفرك , ونثني عليك ولا نكفرك , ونؤمن بك ونخلع ونترك من يفجرك , اللهم إياك نعبد , ولك نصلي ونسجد , وإليك نسعى ونحفد , ونرجو رحمتك ونخاف عذابك , إن عذابك بالكفارين ملحق , اللهم عذب الكفرة وألق في قلوبهم الرعب , وخالف بين كلمتهم , وأنزل عليهم رجزك وعذابك , اللهم عذب الكفرة أهل الكتاب , الذين يصدون عن سبيلك , ويكذبون رسلك , ويقاتلون أولياءك , اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات , والمسلمين والمسلمات , وأصلح ذات بينهم , وألف بين قلوبهم , واجعل في قلوبهم الإيمان والحكمة , وثبتهم على ملة نبيك , وأوزعهم أن يوفوا بالعهد الذي عاهدتهم عليه , وانصرهم على عدوك وعدوهم , إله الحق واجعلنا منهم" [6]. قال عبد الرزاق : "ولو كنت إماما قلت هذا القول ثم قلت اللهم اهدنا فيمن هديت".
عن حصين بن عبد الرحمن ، قال : صليت الغداة ذات يوم وصلى خلفي عثمان بن زياد ، قال : فقنت في صلاة الصبح ، قال : فلما قضيت صلاتي ، قال لي ما قلت في قنوتك ، قال : فقلت ذكرت هؤلاء الكلمات اللهم إنا نستعينك ونستغفرك , ونثني عليك الخير ولا نكفرك , ونخلع ونترك من يفجرك , اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك الجد إن عذابك بالكفار ملحق.
فقال عثمان : كذا كان يصنع عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان[7].
عن عبد الملك بن سويد الكاهلي ، أن عليا قنت في الفجر بهاتين السورتين : "اللهم إنا نستعينك ونستغفرك , ونثني عليك ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك ، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكفار ملحق" [8].
عن عمرو عن الحسن أنه كان يقول في القنوت في الوتر والصبح : "اللهم إنا نستعينك ونستغفرك , ونثني عليك الخير ولا نكفرك , ونؤمن بك ونخلع ونترك من يفجرك , اللهم إياك نعبد , ولك نصلي ونسجد , وإليك نسعى ونحفد , نرجو رحمتك ونخشى عذابك الجد , إن عذابك الجد بالكفار ملحق , اللهم عذب الكفرة والمشركين , وألق في قلوبهم الرعب , وخالف بين كلمتهم , وأنزل عليهم رجزك وعذابك , اللهم عذب كفرة أهل الكتاب , الذين يصدون عن سبيلك , ويكذبون رسلك , اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات , والمسلمين والمسلمات , اللهم أصلح ذات بينهم , وألف بين قلوبهم , واجعل في قلوبهم الإيمان والحكمة , وأوزعهم أن يشكروا نعمتك التي أنعمت عليهم , وأن يوفوا بعهدك الذي عاهدتهم عليه , وتوفهم على ملة رسولك , وانصرهم على عدوك وعدوهم , إله الحق , واجعلنا منهم" , فكان يقول هذا , ثم يخر ساجدا , وكان لا يزيد على هذا شيئا من الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم , وكان بعض من يسأله يقول: يا أبا سعيد أيزيد على هذا شيئا من الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم والدعاء والتسبيح والتكبير , فيقول : لا أنهاكم , ولكني سمعت أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يزيدون على هذا شيئا , ويغضب إذا أرادوه على الزيادة [10].
عن بن طاووس عن أبيه أنه قال : "إنما القنوت طاعة لله" , وكان يقنت بأربع آيات من أول البقرة , ثم {إن في خلق السماوات والأرض} هذه الآية , و{الله لا إله إلا هو الحي القيوم} , وهذه الآية {لله ما في السماوات وما في الأرض} حتى يختم البقرة , ثم {قل هو الله أحد} , ثم {قل أعوذ برب الفلق} , ثم {قل أعوذ برب الناس} , ثم يقول : "اللهم إياك نعبد , ولك نصلي ونسجد , وإليك نسعى ونحفد , نخشى عذابك ونرجو رحمتك , إن عذابك بالكافرين ملحق , اللهم إنا نستعينك ونستغفرك , ونثني عليك فلا نكفرك , ونؤمن بك ونخلع ونترك من يكفرك" , وذكروا أنها سورتان من البقرة , وأن موضعهما بعد قل هو الله أحد. قال : كان يقولهما أبي في الصبح , وكان لا يجهر به , وكان يقول هو في الظهر والعصر والعشاء الآخرة , فيقول في الركعتين الأخريين من الظهر والعصر والعشاء , ويقول في الركعة الأولى من الأخريين من الظهر , ما في البقرة , ويقول في الآخرة من الأخريين من الظهر , ما سوى ذلك , وكذلك في العصر والعشاء الآخرة , وكان يوتر , وكان يجعل القراءة في الوتر [11].
عن بن جريج أنه قال : يقول آخرون في القنوت : "بسم الله الرحمن الرحيم اللهم لك نصلي ولك نسجد و إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخاف عذابك الجد إن عذابك بالكافرين ملحق اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونؤمن بك ونخلع ونترك من يفجرك اللهم أسلمنا نفوسنا إليك وصلينا وجوهنا إليك وألجأنا ظهورنا إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك الا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت ورسولك الذي أرسلت اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وأصلح ذات بينهم وألف بين قلوبهم واجعل في قلوبهم الإيمان والحكمة وأوزعهم أن يوفوا بعهدك الذي عاهدتهم عليه وتوفهم على ملة نبيك وانصرهم على عدوك وعدوهم إله الحق اللهم عذب الكفرة وألق في قلوبهم الرعب وخالف بين كلمتهم وأنزل عليهم رجزك وعذابك اللهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين يكذبون رسلك ويصدون عن سبيلك اللهم اغفر لنا وارحمنا وارض عنا" [12].
عن ابراهيم أنه كان يستحب أن يقول في قنوت الوتر بهاتين السورتين : "اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكافرين ملحق" [13].
عن بن عباس رضي الله عنه أنه كان يقول في قنوت الوتر : "لك الحمد ملء السماوات السبع , وملء الارضين السبع , وملء ما بينهما من شيء بعد , أهل الثناء والمجد , أحق ما قال العبد , وكلنا لك عبد , لا مانع لما أعطيت, ولا معطي لما منعت , ولا ينفع ذا الجد منك الجد" [14].
عن الحسين بن علي أنه كان يقول في قنوت الوتر : "اللهم إنك ترى ولا ترى ، وأنت بالمنظر الأعلى ، وإن إليك الرجعى ، وإن لك الآخرة والأولى ، اللهم إنا نعوذ بك أن نذل ونخزى" [15].
[1] رواه ابن أبي شيبة وسنده ثقات.
[2] رواه ابن أبي شيبة , والطحاوي في شرح معاني الآثار1/249.
[3] رواه ابن أبي شيبة , والطحاوي في شرح معاني الآثار1/249.
[4] رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/250
[5] رواه عبد الرزاق , ومن طريقه ابن المنذر في "الأوسط" 5/214 لكن من قوله : "وذكر أنه يجهر بالقنوت في الصبح" لم يذكره.
[6] رواه عبد الرزاق , وفيه علي بن زيد بن جدعان.
[7] رواه ابن أبي شيبة , ورجاله كلهم ثقات , ولكن لا أدري من عثمان هذا وبحثت عنه فلم أجد له ذكراً , ولعل ثمة تصحيف.
[8] رواه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق , إلا أنه في رواية عبد الرزاق قدم الآخرة وآخر الأولى ونص عبد الملك الكاهلي على هذا , وذكر عبد الرزاق عن ابن عباس أن عمر كان يقدم الأولى ويخر الآخرة , ثم قال : والقول سواء.
[9] رواه ابن أبي شيبة , وعبد الرزاق , ورجاله ثقات.
وفي رواية عبد الرزاق , لم يذكر أن هذه من قراءته , وإنما قال كان يقول.
[10] رواه عبد الرزاق بسند رجاله أئمة غير رجل بين معمر بن راشد والحسن البصري لم أعرفه.
[11] رواه عبد الرزاق وسنده ثقات.
[12] رواه عبد الرزاق , وشيخه ابن جريج.
((اللهم اهدني فيمن هديت , وعافني فيمن عافيت , وتولني فيمن توليت , وبارك لي فيما أعطيت , وقني شر ما قضيت , إنك تقضى ولا يقضى عليك , وإنه لا يذل من واليت , تباركت ربنا وتعاليت))
((اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ، ونثني عليك الخير ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك.
اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك ، إن عذابك الجد بالكفار ملحق))
((اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات , والمسلمين والمسلمات , واجعل في قلوبهم الإيمان والحكمة , وثبتهم على ملة نبيك , وأوزعهم أن يوفوا بعهدك الذي عاهدتهم عليه ,وألف بين قلوبهم , وأصلح ذات بينهم , وانصرهم على عدوك وعدوهم , إله الحق , واجعلنا منهم.
اللهم العن كفرة أهل الكتاب , الذين يكذبون رسلك , ويقاتلون أولياءك , اللهم خالف بين كلمتهم , وألق في قلوبهم الرعب , وزلزل أقدامهم , وأنزل بهم بأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين))
((اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك , وبمعافاتك من عقوبتك , وأعوذ بك منك , لا أحصى ثناء عليك , أنت كما أثنيت على نفسك)).
ومن الأدعية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم , مما يمكن أن يزاد على هذه الأدعية:
((اللهم لك أسْلَمْنا,وبك آمَنَّا,وعليك تَوَكَّلنا,وإليك أَنَبْنَا,وبك خَاصَمْنَا,اللهم إنَّا نعوذُ بِعِزَّتِكَ لا إلهَ إلا أنتَ أن تُضِلَّنا,أنْتَ الحيُّ الذي لا يموتُ,والجِنُّ والإِنْسُ يَمُوتُون))متفق عليه.
((اللهم إنا نعوذُ بك من جَهْدِ البَلاءِ,ودَرَكِ الشَّقَاءِ,وسُوءِ القَضَاءِ,وشَمَاتَةِ الأعْدَاءِ))متفق عليه.
((اللهم آتنا في الدنيا حَسَنَةً,وفي الآخرةِ حَسَنَةً وقِنَا عذابَ النار))متفق عليه.
((اللهم يا مُصَرّفَ القلوبِ صَرّفَ قُلُوبَنا على طاعتك))رواه مسلم.
((اللهم أصْلِحْ لنا ديننا الذي هو عِصْمَةُ أَمرنا,وأصْلِحْ لنا دنيانا التي فيها مَعَاشُنا,وأصلحْ لنا آخرتنا التي فيها مَعَادُنا,واجْعَل الحياةَ زيادةً لنا في كل خير,واجْعَل الموتَ راحةً لنا مِنْ كلِّ شر))رواه مسلم.
((اللهم إنا نعوذُ بك من زَوَالِ نِعْمَتِكَ,وتَحُوُّلِ عافيتكَ,وفَجْأَةِ نِقْمَتِك,وجميع سَخَطِك))رواه مسلم.
((اللهم إنا نعوذُ بك من العَجْزِ والكسلِ والجُبْنِ والبُخْلِ والهَمِ وعذابِ القبر.اللهم آتِ نفوسَنَا تَقْواها,وزَكِّها أنت خيرُ مَنْ زَكِّاها,أنت وَليُّها ومَوْلاها. اللهم إنا نعوذُ بك من عِلْمٍ لا ينفع,ومن قلبٍ لا يخشع,ومن نفسٍ لا تشبع,ومن دعوةٍ لا يٌسْتَجَابُ لها))رواه مسلم.
((اللهم إِنِِّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العفوَ فاعفُ عَنَّا))رواه الترمذي والنسائي وأبو داود.
قروب ابوحكــيم
تخريج أدعية القنوت والكلام عليها:
وما سأذكره هنا إن شاء الله من الأدعية الوادرة في القنوت على نوعين , الأول : ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم , والثاني : ما ورد عن الصحابة والتابعين.
النوع الأول : ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم
ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت إلا دعائين فقط:
الدعاء الأول
نص الدعاء
عن الحسن بن على رضى الله عنهما أنه قال : علمني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كلمات أقولهن
فى الوتر: (اللهم اهدني فيمن هديت , وعافني فيمن عافيت , وتولني فيمن توليت , وبارك لي فيما أعطيت , وقني شر ما قضيت , إنك تقضى ولا يقضى عليك , وإنه لا يذل من واليت , تباركت ربنا وتعاليت).
وفي رواية لأبي داود والنسائي وابن ماجة : (كلمات أقولهن في قنوت الوتر).
ورواية ابن ماجة : (سبحانك ربنا تباركت وتعاليت).
وفي رواية للنسائي في آخر الدعاء : (وصلى الله على النبي محمد) , ويأتي أنها ضعيفة.
رواه أبو داود (1425, 1426) واللفظ له , والترمذي(468) , والنسائي (1745, 1746) , وابن ماجة(1178).
قال الترمذي بعد أن رواه : "ولا نعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت شيئاً أحسن من هذا".
الكلام على إسناده
هذا الحديث مشهور من طريق : أبي إسحاق السبيعي , عن بريد بن أبي مريم , عن أبي الحوراء ربيعة بن شيبان السعدي , عن الحسن بن علي.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي الحوراء السعدي , واسمه ربيعة بن شيبان".
وهذا الإسناد رجاله ثقات إن شاء الله , إلا أن أبي الحوراء لم يوثقه إلا النسائي , ولكن لا جرح فيه.
وقد رواه غير أبي إسحاق السبيعي عن بريد بن أبي مريم : الحسن بن عمارة , وخرج حديثه عبد الرزاق في مصنفه , وقد جاء بزيادات كثيرة حتى تضاعف حجم الأثر , إلا أنها في غير الدعاء , ولولا ما قيل في الحسن بن عمارة لنقلتها , وهذه الزيادات تفرد بها عن أبي إسحاق السبيعي الإمام.
وروي من طريق : يحيى بن عبد الله بن سالم , عن موسى بن عقبة , عن عبد الله بن علي بن الحسين بن علي , عن الحسن بن علي.
قال ابن حجر في التهذيب عن عبد الله بن علي بن الحسين: "و أما روايته عن الحسن بن على فلم تثبت ، و هى عند النسائى من طريق موسى بن عقبة ، عن عبد الله بن على عن الحسن بن على , فإن كان هو صاحب الترجمة فلم يدرك جده [أي جده لأمه] الحسن بن على ، لأن والده على بن الحسين لما مات عمه الحسن رضى الله عنه كان دون البلوغ".
ولم أجد من وثقه.
ففي هذا الإسناد علتان : الانقطاع , وجهالة عبد الله بن علي.
وقد تفرد بزيادة : (وصلى الله على النبي محمد) , ولا تحتمل بهذا الإسناد.
الدعاء الثاني
نص الدعاء
عن على بن أبى طالب رضى الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول فى آخر وتره : (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك , وبمعافاتك من عقوبتك , وأعوذ بك منك , لا أحصى ثناء عليك , أنت كما أثنيت على نفسك).
رواه أبو داود (1427) والنسائي(1747) والترمذي (3882) وابن ماجة (1179).
الكلام على إسناده
هذا الحديث روي من طريق : حماد بن سلمة , عن هشام بن عمرو الفزاري , عن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام , عن علي بن أبي طالب.
وإسناده ثقات.
هل يقال في قنوت الوتر
ليس في ظاهره ما يدل على ذلك , ولكن رواه أبو داود في باب : "القنوت في الوتر" , والنسائي في باب : "الدعاء في الوتر" , والترمذي في باب : "دعاء الوتر" , وابن ماجة في باب : "ما جاء في القنوت في الوتر".
فلعل أصحاب السنن لم يتواطؤا على مثل هذا إلا عن مستند بين , إما روايات لم يذكروها , أو أن هذا كان من المشتهر بين العلماء في زمانهم ولكن لم يرد في شيء من الروايات نصاً , والله أعلم.
النوع الثاني : ما ورد عن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم
وهي في ألفاظها متقاربة , وعند التأمل نجد أن كلها يدور حول دعائين :
الأول : وهو الأكثر في هذه الروايات , (اللهم إنا نستعينك...) إلى آخره , وهو عبارة عن سورتين من القرآن الكريم نسخ لفظهما , ولا زال العلماء من الصحابة والتابعين وأتباعهم يدعون بهما في القنوت , ومما يدل على أنهما سورتان من القرآن ما روي عن ميمون بن مهران أنه قال: في قراءة أبي بن كعب : "اللهم إنا نستعينك ونستغفرك , ونثني عليك ولا نكفرك , ونخلع ونترك من يفجرك , اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكفار ملحق"[9] , ويأتي غير هذا من الروايات , ويمكن أن يستفاد من هذا أن الأدعية الواردة في القرآن يمكن أن يدعى بها في القنوت.
وألفاظ هذا الدعاء متقاربة جداً , ولعل السبب أنه سورتين من القرآن.
ا لثاني : وهو : (اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات , ...) , والاختلاف في ألفاظه أكثر بكثير , إلا أن القارئ يكاد يجزم , أن جميعها من مصدر واحد , إذ بينها اتفاق كثير جداً.
وما عدا هذين الدعائين فلم يثبت عن السلف رحمهم الله تعالى.
تنبيه : بعض هذه الآثار في القنوت في صلاة الفجر , وبعضها مطلق , وبعضها قيد بصلاة الوتر , وقد خرج منها الأئمة في أبواب القنوت في الوتر , والمقيد بصلاة الفجر يستفاد منه معرفة موضع هذه الأدعية وانتشارها , وأيضاً تصحح منها ألفاظها , وربما يقال بقياس الوتر على الفجر لأن الكل قنوت بدعاء من الإمام يؤمن عليه المأمومين , والله أعلم.
نصوص الآثار
عن أبي عبد الرحمن ، قال : علمنا ابن مسعود أن نقرأ في القنوت : "اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ، ونثني عليك الخير ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك ، اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك ، إن عذابك الجد بالكفار ملحق"[1].
عن عبيد بن عمير ، قال سمعت عمر يقنت في الفجر يقول : "بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إنا نستعينك ونؤمن بك ونتوكل عليك ونثني عليك الخير ، ولا نكفرك , ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك الجد بالكافرين ملحق اللهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك" [2].
وروى مثل هذا عن عمر : عبد الرحمن بن أبزى رضي الله عنه [3] , وابن عباس[4].
عن عطاء أنه سمع عبيد بن عمير يأثر عن عمر بن الخطاب في القنوت أنه كان يقول : "اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات , والمسلمين والمسلمات , وألف بين قلوبهم , وأصلح ذات بينهم , وانصرهم على عدوك وعدوهم , اللهم العن كفرة أهل الكتاب , الذين يكذبون رسلك , ويقاتلون أولياءك , اللهم خالف بين كلمتهم , وزلزل أقدامهم , وأنزل بهم بأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين , بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخاف عذابك إن عذابك بالكفار ملحق" , قال : وسمعت عبيد بن عمير يقول : القنوت قبل الركعة الآخرة من الصبح وذكر أنه بلغه أنهما سورتان من القرآن في مصحف بن مسعود وأنه يوتر بهما كل ليلة وذكر أنه يجهر بالقنوت في الصبح , قلت فإنك تكره الاستغفار في المكتوبة فهذا عمر قد استغفر , قال قد فرغ هو في الدعاء في آخرها [5].
وعن أبي رافع أنه قال صليت خلف عمر بن الخطاب الصبح فقنت بعد الركوع قال فسمعته يقول : "اللهم إنا نستعينك ونستغفرك , ونثني عليك ولا نكفرك , ونؤمن بك ونخلع ونترك من يفجرك , اللهم إياك نعبد , ولك نصلي ونسجد , وإليك نسعى ونحفد , ونرجو رحمتك ونخاف عذابك , إن عذابك بالكفارين ملحق , اللهم عذب الكفرة وألق في قلوبهم الرعب , وخالف بين كلمتهم , وأنزل عليهم رجزك وعذابك , اللهم عذب الكفرة أهل الكتاب , الذين يصدون عن سبيلك , ويكذبون رسلك , ويقاتلون أولياءك , اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات , والمسلمين والمسلمات , وأصلح ذات بينهم , وألف بين قلوبهم , واجعل في قلوبهم الإيمان والحكمة , وثبتهم على ملة نبيك , وأوزعهم أن يوفوا بالعهد الذي عاهدتهم عليه , وانصرهم على عدوك وعدوهم , إله الحق واجعلنا منهم" [6]. قال عبد الرزاق : "ولو كنت إماما قلت هذا القول ثم قلت اللهم اهدنا فيمن هديت".
عن حصين بن عبد الرحمن ، قال : صليت الغداة ذات يوم وصلى خلفي عثمان بن زياد ، قال : فقنت في صلاة الصبح ، قال : فلما قضيت صلاتي ، قال لي ما قلت في قنوتك ، قال : فقلت ذكرت هؤلاء الكلمات اللهم إنا نستعينك ونستغفرك , ونثني عليك الخير ولا نكفرك , ونخلع ونترك من يفجرك , اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك الجد إن عذابك بالكفار ملحق.
فقال عثمان : كذا كان يصنع عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان[7].
عن عبد الملك بن سويد الكاهلي ، أن عليا قنت في الفجر بهاتين السورتين : "اللهم إنا نستعينك ونستغفرك , ونثني عليك ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك ، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكفار ملحق" [8].
عن عمرو عن الحسن أنه كان يقول في القنوت في الوتر والصبح : "اللهم إنا نستعينك ونستغفرك , ونثني عليك الخير ولا نكفرك , ونؤمن بك ونخلع ونترك من يفجرك , اللهم إياك نعبد , ولك نصلي ونسجد , وإليك نسعى ونحفد , نرجو رحمتك ونخشى عذابك الجد , إن عذابك الجد بالكفار ملحق , اللهم عذب الكفرة والمشركين , وألق في قلوبهم الرعب , وخالف بين كلمتهم , وأنزل عليهم رجزك وعذابك , اللهم عذب كفرة أهل الكتاب , الذين يصدون عن سبيلك , ويكذبون رسلك , اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات , والمسلمين والمسلمات , اللهم أصلح ذات بينهم , وألف بين قلوبهم , واجعل في قلوبهم الإيمان والحكمة , وأوزعهم أن يشكروا نعمتك التي أنعمت عليهم , وأن يوفوا بعهدك الذي عاهدتهم عليه , وتوفهم على ملة رسولك , وانصرهم على عدوك وعدوهم , إله الحق , واجعلنا منهم" , فكان يقول هذا , ثم يخر ساجدا , وكان لا يزيد على هذا شيئا من الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم , وكان بعض من يسأله يقول: يا أبا سعيد أيزيد على هذا شيئا من الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم والدعاء والتسبيح والتكبير , فيقول : لا أنهاكم , ولكني سمعت أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يزيدون على هذا شيئا , ويغضب إذا أرادوه على الزيادة [10].
عن بن طاووس عن أبيه أنه قال : "إنما القنوت طاعة لله" , وكان يقنت بأربع آيات من أول البقرة , ثم {إن في خلق السماوات والأرض} هذه الآية , و{الله لا إله إلا هو الحي القيوم} , وهذه الآية {لله ما في السماوات وما في الأرض} حتى يختم البقرة , ثم {قل هو الله أحد} , ثم {قل أعوذ برب الفلق} , ثم {قل أعوذ برب الناس} , ثم يقول : "اللهم إياك نعبد , ولك نصلي ونسجد , وإليك نسعى ونحفد , نخشى عذابك ونرجو رحمتك , إن عذابك بالكافرين ملحق , اللهم إنا نستعينك ونستغفرك , ونثني عليك فلا نكفرك , ونؤمن بك ونخلع ونترك من يكفرك" , وذكروا أنها سورتان من البقرة , وأن موضعهما بعد قل هو الله أحد. قال : كان يقولهما أبي في الصبح , وكان لا يجهر به , وكان يقول هو في الظهر والعصر والعشاء الآخرة , فيقول في الركعتين الأخريين من الظهر والعصر والعشاء , ويقول في الركعة الأولى من الأخريين من الظهر , ما في البقرة , ويقول في الآخرة من الأخريين من الظهر , ما سوى ذلك , وكذلك في العصر والعشاء الآخرة , وكان يوتر , وكان يجعل القراءة في الوتر [11].
عن بن جريج أنه قال : يقول آخرون في القنوت : "بسم الله الرحمن الرحيم اللهم لك نصلي ولك نسجد و إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخاف عذابك الجد إن عذابك بالكافرين ملحق اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونؤمن بك ونخلع ونترك من يفجرك اللهم أسلمنا نفوسنا إليك وصلينا وجوهنا إليك وألجأنا ظهورنا إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك الا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت ورسولك الذي أرسلت اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وأصلح ذات بينهم وألف بين قلوبهم واجعل في قلوبهم الإيمان والحكمة وأوزعهم أن يوفوا بعهدك الذي عاهدتهم عليه وتوفهم على ملة نبيك وانصرهم على عدوك وعدوهم إله الحق اللهم عذب الكفرة وألق في قلوبهم الرعب وخالف بين كلمتهم وأنزل عليهم رجزك وعذابك اللهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين يكذبون رسلك ويصدون عن سبيلك اللهم اغفر لنا وارحمنا وارض عنا" [12].
عن ابراهيم أنه كان يستحب أن يقول في قنوت الوتر بهاتين السورتين : "اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكافرين ملحق" [13].
عن بن عباس رضي الله عنه أنه كان يقول في قنوت الوتر : "لك الحمد ملء السماوات السبع , وملء الارضين السبع , وملء ما بينهما من شيء بعد , أهل الثناء والمجد , أحق ما قال العبد , وكلنا لك عبد , لا مانع لما أعطيت, ولا معطي لما منعت , ولا ينفع ذا الجد منك الجد" [14].
عن الحسين بن علي أنه كان يقول في قنوت الوتر : "اللهم إنك ترى ولا ترى ، وأنت بالمنظر الأعلى ، وإن إليك الرجعى ، وإن لك الآخرة والأولى ، اللهم إنا نعوذ بك أن نذل ونخزى" [15].
[1] رواه ابن أبي شيبة وسنده ثقات.
[2] رواه ابن أبي شيبة , والطحاوي في شرح معاني الآثار1/249.
[3] رواه ابن أبي شيبة , والطحاوي في شرح معاني الآثار1/249.
[4] رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/250
[5] رواه عبد الرزاق , ومن طريقه ابن المنذر في "الأوسط" 5/214 لكن من قوله : "وذكر أنه يجهر بالقنوت في الصبح" لم يذكره.
[6] رواه عبد الرزاق , وفيه علي بن زيد بن جدعان.
[7] رواه ابن أبي شيبة , ورجاله كلهم ثقات , ولكن لا أدري من عثمان هذا وبحثت عنه فلم أجد له ذكراً , ولعل ثمة تصحيف.
[8] رواه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق , إلا أنه في رواية عبد الرزاق قدم الآخرة وآخر الأولى ونص عبد الملك الكاهلي على هذا , وذكر عبد الرزاق عن ابن عباس أن عمر كان يقدم الأولى ويخر الآخرة , ثم قال : والقول سواء.
[9] رواه ابن أبي شيبة , وعبد الرزاق , ورجاله ثقات.
وفي رواية عبد الرزاق , لم يذكر أن هذه من قراءته , وإنما قال كان يقول.
[10] رواه عبد الرزاق بسند رجاله أئمة غير رجل بين معمر بن راشد والحسن البصري لم أعرفه.
[11] رواه عبد الرزاق وسنده ثقات.
[12] رواه عبد الرزاق , وشيخه ابن جريج.